بكين 2008 : حفل افتتاح مميز وعلم فلسطين يرفرف في سماء الصين – افتُتِحَت اليوم /الجمعة/ دورة الألعاب الأولمبية السادسة والعشرين التي تستضيفها العاصمة الصينية بكين، بمشاركة وفود (205) دولة، بحضور شخصيات عالمية سياسية واقتصادية ورياضية كبيرة.
ودخل الوفد الفلسطيني إلى الملعب في طابور عرض الدول المشاركة، يتقدمه العداء نادر المصري، رافعاً علم فلسطين، ومن خلفه زميلته العداءة غدير غروف والسباح حمزة عبده والسباحة زكية نصار..
وافتتح الرئيس الصيني يو جينتاو دورة الألعاب الاولمبية الأضخم في التاريخ من حيث عدد المشاركة (10624 رياضياً ورياضية) والتي حملت شعار "عالم واحد، حلم واحد" على استاد "عش الطيور" الذي يتسع لـ90 ألف متفرج.
وتابع الحفل حول العالم جمهور قدر بنحو ربع مليارات نسمة.
وسيرفع الرياضيون المشاركون شعار الألعاب الاولمبية الشهير "الأسرع الأعلى والأقوى" في المنافسات التي سيخوضونها على مدى 16 يوما حيث سيتبارون لحصد نحو 900 ميدالية منها 302 ذهبية في 28 لعبة معتمدة رسميا في الألعاب.
وتشهد الدورة أيضاً مشاركة أكبر عدد من الدول (204) علماً بأن اللجنة الاولمبية الدولية استبعدت بروناي في اللحظة الأخيرة الجمعة لعدم تسجيلها أي رياضي من الفئتين.
وجاءت كلفة الألعاب باهظة وحققت رقماً قياسياً أيضاً إذ بلغ ما أنفقته الصين نحو 28 مليار يورو مقابل 13 مليار يورو في أثينا قبل أربع سنوات.
وستقام المنافسات في 37 منشأة رياضية بينها 31 في بكين شيد 12 منها خصيصا للحدث.
وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها الصين الألعاب الاولمبية، فباتت ثالث دولة آسيوية تنال هذا الشرف بعد طوكيو العام 1964 وسيول العام 1988.
يذكر أن الصين حديثة العهد نسبيا في الألعاب الاولمبية إذ شاركت للمرة الأولى العام 1984 في لوس انجليس الأميركية.
وجاء حفل الافتتاح استعراضيا وضخما ومليئا بالألوان تناول التاريخ القديم والطويلة للأمة الصينية وحضارتها التي تمتد 5 آلاف سنة إلى الوراء.
وشارك في الحفل الذي تخلله العاب نارية قوامها 29 ألف مفرقعة، 14 ألف شخص واستمر ثلاث ساعات بإشراف المخرج السينمائي الصيني الشهير تشانغ ييمو الذي رشح لجائزة "أوسكار" عن فيلمه "سر الخناجر الطائرة".
وسخر المخرج الحفل لتجسيد الفخر بعظمة بلاده التاريخية وتسليط الضوء على الصين القوة الصاعدة التي تثير إعجابا وقلقا في جميع أنحاء العالم.
ومنذ انطلاق الشعلة الاولمبية من جبل الاولمب في ضواحي أثينا في آذار/مارس الماضي، شهدت مسيرتها العديد من التظاهرات حول العالم احتجاجا على حقوق الإنسان في الصين وأعمال القمع في التيبت.
ولم تؤد هذه المشاكل والدعوات إلى عدم حضور حفل الافتتاح احتجاجا على سياسات الصين القمعية، إلى تقليص الحضور لا بل سجلت رقما قياسيا إذ تابع العرض نحو 90 رئيس دولة أبرزهم الأميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي بالإضافة إلى 160 وزيرا وشخصيات رياضية كبيرة أمثال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزف بلاتر والرئيس السابق للجنة الاولمبية الاسباني خوان انطونيو سامارانش والحالي البلجيكي جاك روغ.
وفي الإطار السياسي أيضاً، لم يسر وفدا الكوريتيين الجنوبية والشمالية سوياً في حفل الافتتاح كما حصل في النسختين الأخيرتين في سيدني العام 2000 وأثينا العام 2004، وأعرب روغ عن أسفه لذلك بقوله "حاولنا أن نقوم بذلك في بكين لكن العوامل السياسية كانت أقوى من العوامل الرياضية".
فقرات الحفل
وأطفئت الأنوار بالكامل إيذانا ببدء حفل الافتتاح الذي استهل على وقع قرع الطبول قبل أن تطلق العديد من المفرقعات النارية داخل الملعب وخارجه.
وبدأ توالي لوحات العرض الرائع، ففرش بساط ابيض من الورق بطول نحو 50 متراً ويزن 800 كلغ على أرض الملعب، قبل أن يبدأ نحو 10 أشخاص بحركات راقصة عليه راسمين بأقدامهم لوحة فنية رائعة تمثل الأرض والشمس، في لوحة ترمز إلى فن الطباعة والرسم اللذين تميزا بهما الصينيون منذ القدم وتحديدا منذ 1500 عام، كما يجسد اختراع الصين القديمة للورق وهو ما ساعد في تطور الثقافات البشرية بسرعة كبيرة.
وظهرت لوحات أخرى أيضا أبرزها واحدة أطلق عليها تسمية "طريق الحرير" وترمز إلى الطريق البحرية التي تربط الصين بباقي دول العالم وكيفية نقل الحرير في الصين القديمة ليس فقط إلى الدول المجاورة بل إلى سائر أنحاء العالم.
وكان العالم الجغرافي الألماني فرديناند فون ريختهوفن أطلق على الطريق البحرية المؤدية إلى الصين اسم "طريق الحرير" في القرن التاسع عشر ولا زالت التسمية مستمرة حتى أيامنا هذه.
طابور العرض
وكما هو التقليد في الألعاب الاولمبية، كانت اليونان التي تعتبر مهد الألعاب واستضافت آخر نسخة من الألعاب قبل أربع سنوات أول الدول في الدخول إلى أرض الملعب.
وكان اليمن أول الدول العربية التي تدخل، فيما كان المغرب آخرها وذلك بحسب الأبجدية الصينية.
وقوبل دخول الوفد العراقي المشارك إلى ارض الملعب بوابل من التصفيق من الجمهور الغفير.
وسمحت اللجنة الاولمبية الدولية للعراق بالمشاركة قبل أيام من انطلاق هذه التظاهر الرياضية الضخمة وذلك بعد أن تم تعليق عضويته بسبب تدخل الحكومة العراقية في شؤونه وقيامها بحل الاتحاد في أيار/مايو الماضي، قبل أن يتم الاتفاق بين اللجنة الاولمبية الدولية والحكومة العراقية على حل يرضي الطرفين.
ويشارك الوفد العراقي بأربعة رياضيين هم حمزة حسين (التجذيف) الذي نال شرف حمل العلم وزميله حيدر نوزاد، والعداءة دانة حسين وحيدر ناصر (رمي القرص).
وبعد الانتهاء من استعراض الدول المشاركة، توجه روغ ورئيس اللجنة المنظمة إلى وسط الملعب حيث ألقى الأخير كلمة مقتضبة، قبل أن يعلن الرئيس الصيني رسميا من المنصة الرسمية افتتاح الألعاب رسميا.
واثر الإعلان عن بدء الألعاب، تلي النشيد الاولمبي بواسطة بعض الأطفال الصغار، ثم القسم الاولمبي، قبل إطلاق سرب غفير من حمامات السلام.
وجاءت اللحظة الأكثر تشويقا في حفل الافتتاح لدى إيقاد الشعلة الاولمبية بواسطة بطل الجمباز الاولمبي السابق لي نينغ.
ويعد لي بطلا قوميا في الصين بعد فوزه بثلاث ميداليات ذهبية، إضافة إلى ميداليتين فضيتين وبرونزية في العاب لوس انجليس عام 1984.
ثم أطلق العنان للألعاب النارية التي أشعلت سماء بكين أنوارا وأضواء إيذانا بانتهاء الحفل.